5. سيميولوجية التلقي في الأنساق البصرية.. ومساءلة الرسائل البصرية
وحتى نستطيع مقاربة منظومة الفنون البصرية الجديدة ونتأمل بعض ملامحها التقنية ووظائفها الجمالية، وخاصة إيقاع هيمنتها على حياتنا المعاصرة وتوجيهها لأهم استراتيجيات التواصل الإنساني يجعلانها بؤرة إنتاج المعنى في الثقافة المعاصرة؛ فمن يملك القدرة على المناورة بالصورة والتحكم في إنتاجها وتسويقها يستطيع إدارة المواقف لصالحه. ولعل السبب الذي جعل من الصورة تفقد بلاغتها وسلطتها التي أعطاها إياها الصينيون القدامى، خصوصا في مجتمعاتنا العربية الإسلامية. هو راجع أساسا إلى سيادة ما يسميه علماء الاتصال بالثقافة اللفظية Verbale أو الشفوية Orale، التي مازال بعضهم يحاربها بكل قوة (لألوهيتها)، والبعض الآخر يفرض كل الرقابة عليها لاعتبارات سياسية وأيديولوجية على الرغم من دخولها حياتنا اليومية، وبيوتنا دون استئذان، وتقوم بتوجيهنا في غالب الأحيان. وإن افتراض منهجية متكاملة لتحليل الرسائل البصرية الثابتة تبدو معقدة وصعبة، وعلى القارئ أن يكون مجهزا بترسانة من الأدوات الإجرائية التي تمكنه من اكتشاف خبايا الصورة، لأن شروط إعداد وتكوين واستقبال هذه الرسائل تشرك معارف وثقافات من النوع التاريخي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والنفسي. فلذا نجد مساءلة الصورة الفوتوغرافية من خلال المقاربة السيميولوجية الحديثة، هي ليست جردا لدوالها التقريرية بل عليها أن تبحث عن المدلولات الإيحائية للوصول إلى النسق الإيديولوجي الذي يتحكم في هذا النوع من العلامات.
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire